مع سرعة انتشار الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صرنا نلاحظ مؤخرا كثرة انتشار أخبار تتعلق بوقوع جرائم تحدث تحت سقف المنازل، ونقصد بهده الجرائم خادمات يقمن بقتل أنفسهن او مشغليهم وفي بعض الاحيان أطفالهم ، لنطرح السؤال ماهو السبب وراء وقوع مثل هده الجرائم؟ وماهي الحلول المقترحة لتقليص من استمرار ظهور هده الحوادث؟
عاشت معظم دول العالم العربي حالات حوادث خطيرة: بحيث أقدمت فئة كبيرة من المشغلات على قتل مشغليهم.
ففي الإمارات مثلا: خادمة إثيوبية تقوم بقتل مُشغلتها المغربية رفقة طفلتها، وقامت بعدها بإبرام النار في شقة الضحية مع ابنتها والهروب، الجريمة هنا كانت بهدف السرقة والإستيلاء على المال.
وغير بعيد عن هدا الحادث المؤلم: ففي المغرب، وبالضبط ببني مكادة بتطوان، خادمة أربعينية تعتدي على مشغلتها دات الثمانين سنة بالضرب والجرح المؤدي للموت، ليتضح بعد التحقيقات أن هده الخادمة مصابة باضطرابات نفسية…غير أن هدا لا يعني أن المساعدين المنزليين والخادمات عندهم دائما أهداف سيئة، ومرضى نفسيين… يجب أن نستفسر أيضا عن الظروف التي تشتغل فيها هده الفئة من المجتمع.
يجب أن نشير إلى أن الفئة الميسورة والمثقفة من المجتمع هي الفئة التي تستعين بالمساعدين المنزليين، غير أن هده الفئة تسيء معاملة الخدم، وتمارس عليهم الضغط والعنف النفسي والجسدي…وفي بعض الحالات قد يصل إلى الإستغلال الجسدي بدون الإضطلاع على مسؤولياتهم واجباتهم اتجاه هده الفئة… وهده من بين الأسباب التي تدفع الخادمات لارتكاب الجرائم.
وفي هدا السياق، ندكر جريمة القتل التي وقعت في المغرب بمدينة الجديدة، مُشغلة تعتدي على مساعدتها الطفلة خديجة دات السبع سنوات بالتعديب والعنف المؤدي إلى الموت، في ظل غياب السن القانوني للشغل…
قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بعمل بحث حول ظروف عمل العاملات في المنازل خلال الفترة ما بين 2005 إلى 2012، لتكشف أن عدد كبير من القاصرات لا يتجاوز عمرهن 8 سنوات، يعملن لساعات طويلة ويتعرضن لمجموعة من الإنتهاكات مقابل أجر زهيد لا يتعدى 110 دولار /أي 100 درهم مغربي للشهر في ظل غياب أدنى حقوق شروط الإنسان.
لنفهم أن موضوع الجرائم المقترفة بين المشغلين والمشغلات، هي نتيجة لمجموعة من الأسباب كالفقر والهشاشة، وقلة الوعي، وعدم تطبيق القانون المنظم لهدا المجال، وغياب المراقبة…
ففي المغرب : قام المغرب بالتصويت على اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين سنة 2011، التي وضعتها منظمة العمل الدولية، وصادق البرلمان على القانون بتاريخ 26 يوليوز 2016، ويعتبر القانون رقم 12. 19 هو القانون المرتبط بعاملات وعمال المنازل، والدي دخل حيز التنفيد سنة 2018.
والّي ينص : على أن عدد ساعات عمل العاملين والعاملات المنزليين يجب أن يساوي عدد ساعات العمل في القطاعات الأخرى، وأن يشمل الحد الأدنى للأجور، وضمان وجود عمليات تفتيش صارمة…
خلاصة القول: المُشغل والمساعد طرفين يكملان بعظهما البعض، يجب معرفة القوانين والحقوق وواجبات الطرفين مع توثيقها، قبل الدخول في مرحلة العيش تحت سقف واحد، والأهم الوعي والتحلي بالجانب الإنساني والأخلاقي، وعدم إهمال شق الصحة النفسية الإهتمام بمعرفة صحة عقل الشخص الدي ستخدمه، أو الدي سيشتغل معك.
ويبقى السؤال هل في ظل التوعية والعولمة، هل مزال المجتمع يجهل حقوقه وواجباته في هدا المجال؟؟
والان سنعرض بعض الأخبار المتكرّرة التي وصلتنا من مصادر موثوقة عن مشكلة الخادمات. فما هو سبب انتحار بعضِ الخادمات هذه الأيّام ؟ بل وتحولهن إلى قاتلات للأطفال ؟
وكيف نعرِف أنَّ الخادمة على حافة الانفلات النَّفْسي لنلحقها قبلَ أن تؤذي نفسها أو تؤذي من حولها ؟
سمية 20 سنة تقول:
قضية كيفية التعامل مع الخدَم هامّة جدا، فمَن منا لا يحتاج إليهم في وقتنا الحالي؟ أما بالنسبة لمعاملتي الشخصية للخادمة، فإنني أحرصُ على سعادتها في منزلنا وان تكون في كامل راحتها لا تحمل أي ضيق أو هم، أؤازرها عندما تشتاق وأكون بجانبها عندما تحتاج أهلها، نخرجها باستمرار معنا لتستمتعَ وتمرح معنا وكأنها من احد افراد عائلتنا، وتأكل من مأكلنا، وإن أخطأت أعفو عنها وأحسن اليها، ففي النهاية هي إنسانة تخطئ كما نخطئ وتقصر كما نقصر .
حياة السموني – مقيمة في ألمانيا:
الغربة والبعدعن الديار علمتني قيمةَ الخدم:
حياة الغُربة جعلتني أشعُر أكثر بدور الخادمة التي هي أيضا مغترِبة عن أهلها، وتحتاج إلى نفس الشعور ، فالحياة في الغربة، وخصوصا بألمانيا مختلفة تماما عن الحياة بالديار ، فالمرأة العربية عموما والكويتية خصوصا مدللة، أما هنا حيث أُقيم فيالمانيا ، فاننا نعتمد على انفسنا ممَّا أفادنا أنا وأُسرتي كثيرا وجَعلني أعرِف قيمةَ الخدم ودورهم الكبير في تقديم المساعدة.
تنتحر الخادمات أو تتحولن إلى قاتلات نتيجة لتعرضهن لضغوطٍ نفسيّة ناتجة عن عدمِ التأقلُم بين عالَمها وتربيتها وبيئتها والبيئة الجديدة التي انتقلت اليها، فبعضهن لا تتحمل مِثل كل هذه الضغوط التي مِن الممكن أن تكونَ بسبب بعدها عن أهلها وشعورها بالغربة، وخاصة أبناءها اذا كانت أم، اضافة الى شعورها ببعض أنواع الضغوط الناتجة عن كونها عاملة ومعاملة الناس لها في بعضِ الأحيان، كتعرضهن لقسوة النساء وتحرشات الرجال،
فتلجأ إلى الانتحارِ هربًا مِن الضغوط، أو إلى الانتقام ممَّن أساء إليها، سواء في شخصِه أو في أبنائه، وقد تشعر بالحنين إلى ديارها، فتشعر بالحزنِ الشديد مِن البُعد عن الأهل، فتصاب بالاكتئاب الحاد الذي يدفعها إلى الانتحار
لتجنب حدوث هذه الظاهرة هناك مجموعة من الطرق لابد من معرفتها قبل وصول الخادمات الى حافة الانفلات والتهور النفسي. من بين اهم هذه الاعراض نجد:
- أنها تتحدَّث مع نفسها في بعضِ الأحيان.
- اختلاق بعض التصرفات الغريبة غير المعتادة.
- ممارستها لطقوس معينة جديدة، تختلف عنِ العادات والتقاليد الإنسانية والقيم المشتركة.
- تصبح عُدوانية تجاه الأطفال وخشينة في التعامُل مع اي كان.
- عناد مبالغ فيه ورغبة في التحدي والتعالي.
- التحدث ببعضِ الأفكار غيرِ المقبولة وغير المنطقية وعدم احترام الاخر
- الجلوس بمفردها لساعات طويلة بشكل منعزل.
- قلة النوم والأرق.
- قلة الأكْل وفقدان الشهية.
- العصبية والصُّراخ على أتفه الأسباب.
- الشرود الذّهني متكرر.
- شحوب البادي على الوجه.
- كثرة إتْلاف الأشياء على سبيل المثال حَرق الملابس أثناء الكي، أو كسر الأواني المنزلية، أو حرْق الطعام).
- البكاء المستم